ميزان المحاماة: محامون ليبيون مستقلون: "مهنة المحاماة هي مهنة (النجدة).. مهنة نبيلة تستوجب تغليب الواعز الحقوقي

محامون ليبيون مستقلون: 

"مهنة المحاماة هي مهنة (النجدة).. مهنة نبيلة تستوجب تغليب الواعز الحقوقي على المردود المادي.. المحامون سند القضاء والعدالة.."

أجرى المقابلة: الصحافي حسن الأمين

في إطار سعينا لرصد التحديات التي تواجه الحق في الوصول إلى العدالة في ليبيا، ولتكون مجلة "موازين" مصدرًا منتظمًا وموثوقًا يسد الفجوة المعرفية والقانونية لدى المهتمين في هذا المجال -محليا وإقليميا ودوليا-، نستهل العدد الأول بعقد حوارات ونقاشات مع نخبة من المحامين العاملين على قضايا حقوق الإنسان في ليبيا.

ويجدر التنويه إلى أن المقابلة جرت مع محامين خيروا عدم الكشف عن هوياتهم حفاظا على سلامتهم.

● الدفاع عن ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان…

بدأنا حوارنا حول دور نقابة المحامين في الدفاع عن ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا، حيث لخص المحامي (و.أ) هذا الدور بالقول: "تقوم النقابة بتقديم المساعدة القانونية لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان والمساعدة القضائية للمحتاجين؛ وهذا واجب علينا، حيث أن مهنة المحاماة هي "مهنة النجدة"، وهي مهنة نبيلة تستوجب تغليب الواعز الحقوقي على المردود المادي، إذ أن الحق في التقاضي هو ضمانة دستورية يكفلها الإعلان الدستوري والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وميثاق الأمم المتحدة. هذا الدعم لضحايا الانتهاكات مهم جدا بسبب ضعف الوعي القانوني لدى المواطنين، وبالنظر للوضع الأمني المنفلت في ليبيا، وأيضا، للإشكاليات الكثيرة التي يعاني منها الجهاز القضائي في ليبيا، إلى جانب تعذر حصول بعض الضحايا على مثل هذا الدعم لعدم توفر القدرة المالية لديهم. هذا الدور الذي نقوم به يمنح فرصة كبيرة للحد من ظاهرة الإفلات من العقاب ويساعد في بناء دولة القانون التي نسعى إليها."

● تعزيز الوصول إلى العدالة…

وحول دور النقابة في تعزيز الوصول إلى العدالة، أشار المحامي (و.إ) إلى أن "عمل النقابة هو عمل مهني، وهي مظلة مهنية تقوم بمراعاة شؤون منتسبيها من المحامين وتطويرهم مهنيا من خلال الدورات التدريبية والصالونات الحوارية. فالنقابة تهدف إلى بناء محامين متمكنين يعملون بحرفية عالية وعلى دراية واسعة بقضايا حقوق الإنسان، ومتشبعين بسلوك وقيم المهنة؛ والتي هي أساس العمل القانوني والحقوقي، ومدركين لأهمية العمل التطوعي. كما أن للنقابة دور في التفاعل مع قضايا الشأن العام؛ بما فيها مناهضة ظاهرة الإفلات من العقاب وتوضيح شروط ومعايير المحاكمة العادلة وتوعية المحامين بحقوقهم وواجباتهم تجاه الضحايا.. فدور النقابة، بكل تأكيد، هو المساهمة في بناء مجتمع قانوني جيد وفاعل".

ويؤكد المحامي (م.ض) على أهمية دور المحاميين في تحقيق العدالة وضمان حصول الضحايا على حقوقهم؛ فهم سند القضاء والعدالة. وفي هذا الصدد، يقول (م.ض): "أعتقد أن دور النقابة في ضمان الوصول إلى العدالة في المرحلة الانتقالية التي تمر بها ليبيا يتوقف على مدى قوتها وقدرتها على أن تكون مظلة لكل المحامين؛ توفر لهم الحماية وتعمل على تطويرهم مهنيا والرفع من كفاءتهم في التعامل مع الوضع القانوني والحقوقي الذي تمر به ليبيا الآن، باعتباره وضعا استثنائيا. وهذا، بالتأكيد، سينعكس، إيجابا، على فرص وصول الضحايا لسبل الانتصاف وتوفير ضمانات المحاكمة العادلة".

أما المحامي (و.إ) فيرى أن "النقابة تسعى لبناء مجتمع واع من المحامين. قوي ومتمكن عن طريق الدورات التدريبية والجلسات الحوارية. كما يفترض، أيضا، أن يكون للنقابة دور في نشر الوعي القانوني والحقوقي بين المواطنين، خصوصا فيما يتعلق بمسائل العدالة الانتقالية". وفي هذا الصدد يضيف الدكتور (ط.ج): "يتوجب على النقابة الضغط على السلطات التشريعية لتبني معايير واضحة وفعالة للعدالة الانتقالية صالحة لتحقيق العدالة وتطبيق القانون وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب، وتستجيب لمقتضيات المصالحة الوطنية التي هي من أهم الاستحقاقات في ليبيا اليوم".

● أهم النجاحات والأعمال منذ 2011…

وحول أبرز أعمال النقابة وأهم نجاحاتها منذ 2011، يقول المحامي (م.ض): "النقابة تأسست بجهود مجموعة من المحامين الذين عملوا طويلا -بشكل تطوعي- في مجال رصد انتهاكات حقوق الإنسان وتقديم المساعدة القانونية والقضائية لضحايا حقوق الإنسان والنزاع المسلح في ليبيا، بما في ذلك قضايا التعذيب والإخفاء القسري أو القتل خارج نطاق القانون، وغيرها من صنوف المعاملة غير الإنسانية، منذ اندلاع ثورة فبراير 2011 حتى الآن؛ حيث قام أعضاؤها بتقديم هذه المساعدات في العديد من القضايا، كما قامت النقابة بتوفير التدريب للمجتمع القانوني من فئة المحامين والنشطاء الحقوقيين، بما في ذلك التدريب على الرصد والتوثيق وكيفية تقديم المساعدة القانونية الناجعة للضحايا. ومن أبرز ما قام به محامو النقابة مساعدة الضحايا في الوصول إلى العدالة والإنصاف في الحالات المتاحة محليا ودوليا، إلى جانب حملات المناصرة، داخليا ودوليا، منذ 2012 حتى الآن".

● تحديات…

أما فيما يتعلق بالتحديات التي تواجه المحامين في تعزيز الوصول إلى العدالة ومراقبة المحاكمات، يرى الدكتور (ط.ج) أن "الإشكالية الرئيسية التي تواجه المحامي في تمكين الضحايا من الوصول إلى العدالة هي عدم توحيد الأجهزة الأمنية في البلاد، حيث أن وجود بعض الضحايا في أماكن احتجاز غير تابعة لمؤسسات الدولة الرسمية يحول، في الغالب، دون تمكين الضحية من المثول أمام المحكمة أو تمكين المحامي من الالتقاء بالضحية".

وفي هذا الصدد يشير المحامي (و.إ) إلى "عدم تفعيل نصوص الإجراءات الجنائية، خاصة فيما يتعلق بمدد الحبس الاحتياطي، حيث يحدث، في أحيان كثيرة، تمديد هذه المدة لفترات غير محدودة، وعدم تمكين المتهم من التظلم والاستئناف حيال مد فترة حبسه"، ويضيف قائلا: "نحن في هذه الفترة لا نحتاج إلى تعديل قانون الإجراءات الجنائية بل إلى حملة مناصرة لتفعيل نصوص هذا القانون"، منبّها إلى "إشكالية أخرى تتمثل في عدم امتثال مأموري الضبط القضائي لتنفيذ أوامر النيابة العامة، وضعف الأجهزة الضبطيّة في البلاد من حيث القبض والتحري، إلى جانب تراكم عدد هائل من القضايا غير متصرف فيها، سواء في المراكز أو النيابات؛ ما يرهق القضاء والمحامين والنيابة العامة ويعرقل عملية التعامل مع هذه الملفات.. المشاكل عديدة ومتنوعة؛ هناك مشاكل تتعلق بضيق فترة العمل اليومي لموظفي المحاكم والنيابات؛ وهذه من العوائق التي يجب على وزارة العدل العمل على حلها.. وهناك قصور في فهم الإجراءات الجنائية الواجب اتباعها"…

● دور المحامين في الطعون الانتخابية…

تناول حوارنا جانبا آخر مهما يتعلق بدور المحامين في الطعون الانتخابية. وهنا يؤكد (و.إ) على أن "للمحامين دور كبير في هذا الشأن، بداية من توضيح القانون الانتخابي وتفسيره، خصوصا في وجود تضارب واضح بين القانون ولائحته التنفيذية الصادرة عن المفوضية العليا للانتخابات؛ ما سبب إرباكا كبيرا في مشهد الطعون، كما أن هنالك تضاربا في قرارات المجلس الأعلى للقضاء وسحبه، بشكل مفاجئ، بعض القرارات؛ ما فاقم الإرباك في مسألة الطعون الانتخابية". ويخلص (م.إ) إلى أن "إصدار التشريع يجب أن يكون مبنيا على أسس وضوابط قانونية مدروسة لا بشكل استعجالي كما حدث في هذه المرحلة".

ويرى (و.إ) أن "دور المحامين يبدأ، أولا، في التأكيد على حق المشاركة في العملية الانتخابية بالنسبة للمترشح والناخب" وأن "حماية حق الترشح وحق التصويت هي حماية لحق دستوري، وعليه، فإن مسألة وجود محامين يعملون على مسألة الطعون الانتخابية ومراقبة سير الانتخابات هي مسألة مهمة باعتبارهم الفئة الأقرب والأقدر على فهم هذه المواضيع".

Previous
Previous

قراءة في مشروع الدستور الليبي: اللامركزية ومتطلبات الحكم المحلي

Next
Next

ميزان القضاء: المنظمة الليبية للقضاة: "انعدام الأمن هو التحدي الأكبر الذي يواجه دولة القانون وضمانات حقوق الإنسان في ليبيا"