الحق في النفاذ إلى العدالة في ليبيا
سارة بن سدرين
محامية تونسية لدى محاكم الاستئناف وأستاذة عرضيّة بكلية العلوم القانونية والاجتماعية ، متحصّلة على ماجستير قانون أعمال من كليّة الحقوق والعلوم السياسيّة ، على شهادة الكفاءة في مهنة المحاماة من المعهد الأعلى للمحاماة بتونس وعلى شهادة في تدريس مادة حقوق الإنسان من المعهد الدولي لحقوق الإنسان بستراسبورغ " René Cassin
الأستاذة سارة بن سدرين
الحق في النفاذ إلى العدالة هو حق كل فرد في الوصول أو التوجه لسائر المحاكم قصد حماية حقوقه والدفاع عنها. [1] إذ تكمن القيمة الحقيقية للقاعدة القانونية من خلال تفعيلها وتطبيقها وهو ما يضمن للأفراد التمتّع بحقوقهم كاملة. ولا يتحقّق ذلك إلاّ من خلال وضع إطار قانوني ومؤسّساتي يسهل النفاذ إلى العدالة بطريقة سلسة دون عقبات.
تبلور الحق في النفاذ إلى العدالة تدريجيّا مع تطوّر نظريّة الحقوق الأساسية وتطوّر مضمونها، وأضحى يصنّف من الحقوق أو الضمانات، أي أنه علاوة على كونه من الحقوق الأساسيّة فهو ضمانة قبليّة للتمتّع بغيره من الحقوق المتمّمة له.
ولما كان الحق في النفاذ إلى العدالة حقّا أساسيّا، فهو من بين الحقوق التي تكرّسها القوانين الأعلى قيمة في الدولة ويستفيد منها جميع الأفراد على حدّ سّواء، علاوة على أنها تتمتّع بضمانات أكبر من خلال النصوص التي تكرّسها والهيئات التي تسهر على حمايتها وحسن تطبيقها.
نتج هذا التكريس الوطني للحق في النفاذ إلى العدالة عن تأثير القانون الدولي لحقوق الإنسان. وبالرجوع إلى القانون الدولي من ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص للحقوق المدنيّة والسياسيّة والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب [2]، يتبيّن أنه لا وجود لتكريس صريح للحقّ في النفاذ إلى العدالة وإنّما تكريس للحق في "اللجوء الفعّال إلى المحاكم"[3] و "الحق في المحاكمة العادلة"[4].
غالبا ما يختزل الحق في النفاذ إلى العدالة في غيره من الحقوق المكمّلة أو الضامنة له، كالحق في التقاضي والحق في المحاكمة العادلة، التي تكرّسها معظم الدساتير في العالم ليكون التكريس الصريح لهذا الحق استثناء ويعتبر إحرازا من ذلك ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوربي الصادر بتاريخ 7 ديسمبر 2000، الذي ينصّ صراحة في المادة 47 منه على مبدأ ضمان الوصول إلى العدالة. [5]
يتضح أن الإعلان الدستوري الليبي الصادر عن المجلس الوطني الانتقالي المؤقت بتاريخ 03 أغسطس 2011، قد كفل بدوره الحق في النفاذ إلى العدالة من خلال إقرار الحق في التقاضي والحق في المحاكمة العادلة، ووفّر المبادئ الأساسية للنفاذ إلى العدالة، وفق ما استقرّت عليه العهود والمواثيق الدولية إيمانا بعلويّة النص الدستوري ومبدأ التسلسل الهرمي للقواعد القانونيّة التي تقتضي التقيد بأحكامه وانعدام إمكانيّة الحياد عنه.
يحثّنا الوضع الانتقالي في ليبيا على التساؤل والبحث حول إمكانيّة الأفراد الولوج إلى العدالة في ظلّ تحدّيات سياسيّة ومجتمعيّة مختلفة ومتعدّدة ونظام قضائي قد شهد العديد من التنقيحات.
سنحاول من خلال هذه الدراسة الوقوف عند الحق في التقاضي (I)، الذي يعد من أهم الحقوق الطبيعية للإنسان والذي بتحقّقه يتحقّق للفرد الولوج إلى العدالة. حيث أن هذا الحق يبقى مبتورا إذا لم يقترن بضمان محاكمة عادلة للمتقاضي (II)، تفتح بموجبها أبواب العدالة على مصراعيها.
I- الحق في التقاضي ضمانة للحق في النفاذ إلى العدالة
اختار الإعلان الدستوري الليبي عنوانا للباب الرابع منه "الضمانات القضائيّة"، تعبيرا عن رغبة ملحّة في إرساء دولة القانون والمؤسّسات نابعة عن إرادة شعبيّة ثائرة والتي لا تتحقّق إلا من خلال توفير جملة من الضمانات التي تكفل "المواطنة والعدالة والمُساواة والازدهار والتقدم والرخاء وتنبذ الظلم والاستبداد والطغيان والاستغـلال وحُكم الفرد".[6]
يعدّ الحق في التقاضي أحد أهم الحقوق الأساسيّة باعتباره ضامنا لجملة من الحقوق الفرديّة الأخرى التي في غياب ضمانات تكفله تفقد قيمتها وأهمّيتها وتتجرّد من صفة "الحق".
لا جدال أن الحق في التقاضي هو من أهمّ تجلّيات الحق في النفاذ إلى العدالة، حيث أن حماية الحقوق المنتهكة وتحقيق العدالة لا يكون إلاّ من خلال اللجوء إلى محاكم مختصّة (1)، تراعى مبدأ التقاضي على درجتين (2).
1- حق اللجوء إلى محاكم مختصّة:
أقرّت المادة 31 من الإعلان الدستوري الليبي بأن: "لكل مواطن الحق في اللجوء إلى القضاء وفقاً للقانون". وتضيف المادة 33 أن: "التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مُواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي". وهو حق قد تأسّست دعائمه تدريجيّا منذ تاريخ 28 نوفمبر1953، وهو تاريخ إصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية[7]، وقانون الإجراءات الجنائية[8]، هذا إلى جانب قانون المحكمة العليا[9]، وهي المحكمة التي أكّدت بتاريخ 14 يونيه 1970، بمناسبة الطعن الدستوري عدد 4/14 ق على أنه: "إذا خلا أي دستور مكتوب من النص على حق كل مواطن في الالتجاء إلى القضاء، تؤمن له فيه حقوق الدفاع فأن هذا الحق مكفول دون الحاجة إلى النص عليه صراحة لأنه حق مستمدّ من أوامر العليّ القدير وهو من الحقوق الطبيعيّة للإنسان منذ أن خلق".[10]
تعزّز الإطار القانوني للحق في التقاضي بتاريخ 18 أكتوبر 1958، أي تاريخ نشر المرسوم الملكي بقانون إصدار قانون نظام القضاء الذي ألغي بموجب القانون رقم 29 لسنة 1962.
تطور نظام القضاء الليبي تدريجيّا بموجب هذه القوانين، وهو نظام يكرّس مبدأ وحدة القضاء ليتكون من محاكم جزئية [11]، وهي محاكم درجة أولى تختص بالحكم ابتدائياً في الدعاوى المدنية والتجارية والأحوال الشخصية المحدّدة على سبيل الحصر ضمن المادة 46 و47 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، كما تختص بالنظر في الجنح والمخالفات [12].
ويتكون أيضاً من محاكم ابتدائية تختص بالحكم ابتدائياً في جميع الدعاوى المدنية والتجارية ودعاوى الأحوال الشخصية التي ليست من اختصاص المحكمة الجزئية،[13] وهي محكمة قانون عام تتولى الفصل في جميع المنازعات، والجرائم إلا ما استثنى بنص خاص.
ويتكون من محاكم استئناف،[14] وهي محاكم درجة ثانية تنظر في الطعون استئنافيّا في الأحكام الصادرة عن محاكم الدرجة الأولى.
وعلى رأس هذه المحاكم جميعها محكمة عليا،[15] وهي محكمة نقض تنظر في الطعون التي ترفع إليها في الأحكام الصادرة في المواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية في الحالات المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية وفي الأحكام الصادرة في المواد الجنائية طبقاً لقانون الإجراءات الجنائية، وذلك حسب صريح المادة 24 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
يوجد بداخل المحاكم المذكورة نوع من القضاء التخصصي، وذلك من خلال إرساء دوائر متخصصة للنظر في بعض القضايا. منها دائرة القضاء الدستوري في المحكمة العليا التي تختص دون غيرها منعقدة بدوائرها المجتمعة في الطعون التي يرفعها كل ذي مصلحة شخصية مباشرة في أي تشريع يكون مخالفا للدستور وأية مسألة قانونية جوهرية تتعلّق بالدستور أو بتفسيره تثار في قضية منظورة أمام أية محكمة، وذلك تطبيقا لأحكام المادة 23 من قانون المحكمة العليا التي أضيفت بموجب القانون رقم (17) لسنة 1994 المتعلق بتعديل القانون رقم (6) لسنة 1982 بإعادة تنظيم المحكمة العليا.
لا يمكن التطرق لحق النفاذ إلى العدالة الدستورية دون الإشارة إلى قانون المحكمة الدستورية الجديد [16] وتأثيره الجدي على الحق في الوصول للعدالة. سلب هذا القانون الجديد الاختصاص من الدائرة الدستورية وقد امتنعت المحكمة العليا عن تطبيقه، ويوجد طعن بخصوصه. يخلق القانون الجديد إشكال حقيقي في اللجوء إلى القضاء الدستوري في ليبيا، حيث أن الالتجاء إلى القضاء الدستوري، أصبح حسب القانون الجديد بالدفع فقط للمتقاضين، ولا يمكن الطعن مباشرة في قانون بعدم الدستورية إلا من قبل رئيس مجلس النواب، أو عشرة نواب على الأقل، أو رئيس الحكومة، أو عشرة وزراء حسب المادة 21 من القانون الجديد. كما أن الدفع يخضع إلى مراقبة محاكم الأصل التي تقرر جديته والإحالة على المحكمة الدستورية من عدمه، وأن كان لها الإحالة دون دفع حسب المادة 25 من القانون، مما يمثل تقليص في مجال القضاء الدستوري، بل وتهديد للإنجازات التي مثلها فقه قضاء المحكمة العليا التي أصبحت حسب القانون الجديد محكمة النقض واضطراب في القضاء الدستوري قد يجعل منه شكلي ومحدود وبالتالي تراجع للحق في النفاذ إلى العدالة.
كما تختص دوائر القضاء الإداري المنشأة على مستوى محاكم الاستئناف [17] بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية غير الشرعية.
يخاطر القانون رقم 4 لسنة 2017 بالحق في الوصول للعدالة من خلال مثول الشخص أمام قاضيه الطبيعي، حيث منح الاختصاص للقضاء العسكري في تولي القضايا بناء على قانون مكافحة الإرهاب بغض النظر إذا كان المتهم مدني أو عسكري. من حيث الممارسات فهناك عدد كبير يتم احتجازه بدون محاكمات أمام القضاء العسكري استنادا إلى هذا التعديل. وهي إشكالية حقيقة مخالفة لمبدأ حق الالتجاء إلى محكمة مختصة ومبدأ عدم جواز المحاكم الاستثنائية ومبدأ عدم جواز محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.
يراعى في التنظيم القضائي كأحد أهم ضمانات الحق في الولوج إلى القضاء، وجوب تقريب المحاكم من المتقاضين وذلك بتوزيعها على كامل القطر الليبي أخذا بعين الانتشار الجغرافي للإقليم الليبي. وهو ما أقرّه الإعلان الدستوري صراحة في المادة 33 التي تؤكد في آخرها أن الدولة: "تكفل تقريب جهات القضاء من المُتقاضين، وسُرعة الفصل في القضايا"، إيمانا أن النفاذ إلى العدالة وتحقّق هذا الحق لا يكون إلاّ من خلال تقريب المحاكم من المتقاضين. يعد تقريب المحاكم من المتقاضين من الضمانات الجديدة والتي لم تحض باهتمام ضمن التشريع الليبي قبل صدور هذا الإعلان الدستوري. لا يمكن أن تبقى هذه الضمانة مجرّد تكريس تشريعي خاصة وأنه على مستوى التطبيق لازال يشكو المتقاضي أمام المحاكم الليبيّة من بعض الصعوبات في علاقة باللامركزية القضائية.
2- تكريس مبدأ التقاضي على درجتين:
تضمن المعاهدات الدوليّة والاقليميّة حق التقاضي على درجتين كحق مكفول.[18] نصت المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في فقرتها الخامسة: "أنه لكل شخص أدين بجريمة حق اللجوء وفقا للقانون إلى محكمة أعلى كي تعيد النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حكم به عليه".
يعد مبدأ التقاضي على درجتين من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها التنظيم القضائي في مختلف الأنظمة القضائية المعاصرة.[19] يكمن المبدأ في إتاحة الفرصة لمن صدر ضده حكم من محكمة درجة أولى من شأنه أن يقيّد حقوقه وحرياته أو يضر بها، وأن يعيد طرح موضوعه بكافة عناصره الواقعية والقانونية مرّة أخرى أمام محكمة الدرجة الثانية بموجب الطّعن فيها عن طريق الاستئناف.
كرّس التشريع الليبي مبدأ ثنائيّة التقاضي ضمن قانون المرافعات المدنية والتجارية وقانون الإجراءات الجنائية. فتنظر المحاكم الابتدائيّة في قضايا الاستئناف التي ترفع إليها عن الأحكام الصادرة ابتدائياً من المحكمة الجزئية.[20] وتختص محكمة الاستئناف بالحكم في قضايا الاستئناف الذي يرفع إليها عن الأحكام الصادرة ابتدائيا من المحكمة الابتدائية.[21]
أما في المادة الجزائية، فاستئناف المخالفات والجنح يقع أمام الهيئات الاستئنافية المشكلة في كل محكمة ابتدائية. أما الجنايات، فلا ينص قانون الإجراءات الليبي إلا على درجة واحدة وهي دائرة الجنايات المشكلة في كل محكمة من محاكم الاستئناف. ولا يوجد استئناف للأحكام الصادرة في مواد الجنايات فالتقاضي بشأنها وفقاً لأحكام القانون الليبي يكون أمام درجة واحدة، ولا يكون أمام المتهم من سبيل لمراجعة الحكم إلا بالطعن أمام المحكمة العليا. بالتالي تكون مادة الجنايات استثناءا من مبدأ التقاضي على درجتين وهو أمر ملفت للانتباه نظرا لخطورة أحكام تلك المادة بما يجعل من الحاجة إلى ضمانات المحاكمة العادلة اوكد من بقية المواد. تجدر الإشارة أنه فيما يتعلق بالجرائم الموصوفة بكونها جنايات تنظر للمرة الأولى في غرفة الاتهام،[22] باعتبارها أول درجة إلا أنها في حقيقتها قضاء إحالة وليس قضاء حكم أي تهتم بما هو شكلي وإجرائي أكثر من الموضوع وتأصيل الإدانة أو البراءة، وبالرغم من اختصاصها بنظر القضايا قبل إحالتها إلى محكمة الاستئناف، وهو ما لا يجعل منها درجة أولى في التقاضي على المعنى التقني للمصطلح.
II- الحق في المحاكمة العادلة ضمانة للحق في النفاذ إلى العدالة
تنهض دعائم العدالة والمساواة في أي بلد وفي ظل أي نظام قانوني على المحاكمة العادلة والتي تتحقّق بواجبات محمولة على الدول والحكومات تتمثّل أساسا في ضمان قضاء مستقلّ (1) وتوفير حقّ الدفاع لجميع المتقاضين (2) دون ميز أو تفريق.[23] فضلا عن توفير مستلزمات البنية التحتية والطاقات البشرية اللازمة والإجراءات لفائدة أصناف من المتقاضين كغير الناطقين باللغة العربية أو ذوي الاحتياجات الخاصة.
تمثل المحاكمة العادلة ضمانة لتمكين الأفراد من حقوقهم وهو ما يتحقّق معه اكتمال النفاذ إلى العدالة، وعلاوة على ذلك معيارا رئيسيّا لتقييم الحكم في مختلف الدول ومقياسا لمدى رقيّها ونضجها، فقد باتت تصنّف بمدى احترامها لمبادئ حقوق الإنسان.
1- مبدأ استقلال القضاء:
أكّدت منظّمة الأمم المتحدة ضمن مبادئها الأساسية بشأن استقلالية القضاء[24] على أنه: "تفصل السلطة القضائية في المسائل المعروضة عليها دون تحيز، على أساس الوقائع ووفقا للقانون، ودون أية تقييدات أو تأثيرات غير سليمة أو أية إغراءات أو ضغوط أو تهديدات أو تدخلات، مباشرة كانت أو غير مباشرة، من أي جهة أو لأي سبب".
لقد سبق وكرست هذا المبدأ المادة العاشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتنص على: "لكلِّ إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحقُّ في أن تَنظر قضيتَه محكمةٌ مستقلَّةٌ ومحايدةٌ، نظرًا مُنصفًا وعلنيًّا، للفصل في حقوقه والتزاماته وفى أيَّة تهمة جزائية تُوجَّه إليه".
تأسيسا على ذلك، فأن أهم المبادئ الأساسية التي تحكم الوظيفة القضائية فـي ليبيا هو أن "القضاة مستقلّون، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون"، وهو من المبادئ الأساسية الكونيّة المكرّسة في جلّ دساتير العالم.[25] وهو ما كرّسه نص المادة 32 من الإعلان الدستوري الليبي: "السُّلطـة القضائيـة مُستقلة، وتتولاها المحاكـم على اختـلاف أنواعها ودرجاتهـا، وتصدر أحكامها وفقاً للقانون، والقُضاة مُستقلون لا سُلطان عليهم في قضائهم لغير القانون والضمير".[26]
يمثل استقلال القضاء أوكد صلاحيّات الدولة التي تسهر على تأمينه وهو ما تأكّده المبادئ الأساسية للأمم المتحدة، التي تقرّ على أن الدولة تكفل "استقلال السلطة القضائية وينص عليه دستور البلد أو قوانينه. ومن واجب جميع المؤسسات الحكومية وغيرها من المؤسسات احترام ومراعاة استقلال السلطة القضائية".
وحيث لا يتحقّق ذلك إلا من خلال ضمانات قانونيّة أخرى، لعلّ أبرزها تأمين الظروف الملائمة لعمل القاضي وحمايته أثناء القيام بمهامه من كلّ ما من شأنه أن يمثّل تدخّلا أو تعسّفا في قضائه.
ومن الثابت أن هناك علاقة وطيدة بين استقلال القضاء ومسألة عزل القضاة تعسفيّا، مما يمثّل خطرا مستمرّا لهم من شأنه التأثير مباشرة على استقلاليّتهم وأحكامهم لما فيها من تهديد على مراكزهم وسمعتهم.
تحصّن القانون الليبي من النقل التعسّفيّة، التي قد تمثّل في بعض الأنظمة وسيلة غير مباشرة للضغط على القضاة أو محاولة تهديدهم بطريقة مقنّعة وغير مباشرة ومعاقبتهم من قبل السلطة، فيكون قرار النقلة معلّلا وجوبا ويبقى للقاضي حقّ التظلّم إذا ما رفض هذا القرار أو اعتبره تعسّفيّا.
تحصّن القانون الليبي من النقل التعسّفيّة، التي قد تمثّل في بعض الأنظمة وسيلة غير مباشرة للضغط على القضاة أو محاولة تهديدهم بطريقة مقنّعة وغير مباشرة ومعاقبتهم من قبل السلطة، فيكون قرار النقلة معلّلا وجوبا ويبقى للقاضي حقّ التظلّم إذا ما رفض هذا القرار أو اعتبره تعسّفيّا. وهو ما تقتضيه نص أحكام المادة الرابعة من القانون رقم 32 لسنة 2023 بشأن تعديل بعض أحكام قانون نظام القضاء: "لا يجوز نقل عضو الهيئة إلى هيئة أخرى إلا بناء على مقترح مسبب من إدارة التفتيش على الهيئات القضائية بالنسبة للنقل من القضاء، أو إليه ويكون النقل في غير ذلك بناءً على أسباب مكتوبة يرفعها رئيس الهيئة الذي اقترح النقل إلى المجلس؛ ليبدي رأيه فيها، ويكون نقل العضو بناءً على طلبه خاضعا لتقدير المجلس، بعد إبداء إدارة التفتيش على الهيئات القضائية رأيها بالنسبة للقضاة، وبعد موافقة رئيس الهيئة التي يرغب العضو الانتقال إليها بالنسبة لغيرهم. وللعضو المنقول دون رغبته التظلم من النقل أمام المجلس خلال عشرة أيام من تاريخ تبليغه بقرار النقل. وعلى العضو المنقول الاستمرار في عمله حتى تبليغه بقرار النقل، ولا يخلى طرفه حال تظلمه إلا بعد البت في تظلمه. وعلى المجلس البت في التظلم من قرار النقل خلال مدة لا تجاوز خمسة عشر يوماً من إيداع التظلم ولا يكون من ضمن هيئة نظر التظلم رئيس الهيئة الذي اقترح النقل من الهيئة، فإذا انقضى الميعاد دون بـت عـد قرار النقل لا غيا دون حاجة إلى إجراء آخر".
هذا التنقيح الأخير، أدخل على نظام القضاء الليبي في تناغم مع التوجّه الدولي من ذلك، ما أكّدت عليه لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ضمن التعليق العام عدد 32، في إطار تفسير مقتضيات العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، حيث أكّدت في توضيحها لإلتزام الدولة بضمان الحق في محاكمة عادلة على أنه: "لا يجوز فصل القضاة من الخدمة إلا لأسباب خطيرة تتعلق بسوء السلوك أو عدم الكفاءة، ويكون ذلك وفقًا لإجراءات عادلة تكفل الموضوعية والحياد بموجب الدستور أو القانون. قيام السلطة التنفيذية بإعفاء القضاة، على سبيل المثال، قبل انقضاء مدة الولاية المحددة لهم، أو من دون إبداء أسباب محددة أو حصولهم على حماية قضائية فعالة تمكنهم من الاعتراض على إعفائهم، يتعارض مع استقلالية القضاء".
بالرغم من ذلك التنقيح، لا يجب أن نسهى أنه ومن حيث الواقع العملي لايزال القضاة وأعضاء النيابة معرضين للعزل من خلال نقلهم إلى الإدارات الأخرى. يواجه هذا التعديل عرف قوي وجريان عمل وإرث من الممارسات التي لن يغيرها النص بسهوله، ومع ذلك لا يجب أن يبرر عدم الإصرار على تغيير الثقافة القانونية والإجرائية السائدة وخلق تقاليد مؤسسية.
قد يطرح السياق الليبي إشكالات واقعية بخصوص فاعلية استقلال القضاء من خلال عدم الاستقرار وانقسام السلط السياسية وعدم ضبط أمن المحاكم والقضاة وهي تحديات جدية في سبيل توفير الاستقلالية الناجزة للقضاء والقضاة في ليبيا.
2- مبدأ تأمين حــق الدفاع:
حق الدفاع هو حق الاستعانة بمحام، وهو حق مكفول بموجب القانون الذي رسم معالم مهنة المحاماة في ليبيا، بموجب القانون عدد 8 لسنة 1965 بشأن المحاماة المنقّح بالقانون عدد 82 لسنة 1975 بشأن إعادة تنظيم المحاماة. تنص المادة الأولى منه على: "المحامون أعوان القضاء في الدفاع عن ذوي الشأن والقيام بالأعمال القانونية لدى المحاكم ومختلف الجهات".
يؤكّد هذا الفصل أن المحامي هو المدافع عن المتقاضي، وهو المخوّل له دون غيره القيام بالأعمال القانونيّة، مما يتماشى مع المواثيق الدولية على غرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يؤكد على توفير الضمانات اللازمة للدفاع عن كل شخص توجه إليه تهمة. كما أن جملة المبادئ الواردة، بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والمتعلّقة بحماية الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن، تنص على أن الشخص المحتجز له الحق في الحصول على المساعدة القانونية من المحامين والاتصال بهم والحصول على مشورتهم.
تأكيدا على دور المحامي في الدفاع وفي إقامة العدل، أكّدت الصيغة الجديدة للمادة الثانية من الفصل الأول من القانون عدد 3 لسنة 2014 بشأن المحاماة الملغي للقانون عدد 82 المذكور على: "المحامي ينوب ويدافع عن الأشخاص الطبيعية والاعتبارية لدى جميع المحاكم والنيابات والهيئات القضائية والإدارية والتأديبية، كما يقدم الاستشارات القانونية".[27]
يعد الالتجاء إلى محامي هو التجاء إلى مهني مختصّ محترف للقانون، لديه الخبرة الضروريّة، ويفقه دقائق القوانين والإجراءات القانونيّة وهو مسؤول مدنيّا ومهنيّا.
مكّن القانون المحامي دون غيره، بموجب تكليف من حريفه، من الاطلاع على محتوى ملفّ المتقاضي وعلى جميع حيثيّاته وإجراءاته، حسب صريح المادة 16 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 3 لسنة 2014 بشأن المحاماة التي تنص على: "يحق للمحامي الاطلاع على ملفات الدعاوى والمستندات والأوراق لدى الجهات المختصة، وله حق الحصول على صورة رسمية من المستندات مذيلة بختم وتوابع الموظف بالجهة المودعة لديها و يجور للمحامي الدفاع عن المتهم وحضور التحقيقات والاطلاع على الأوراق نيابة عن المتهم المحجوز على ذمة التحقيق، كما له حق الحضور والمرافعة أمام المحكمة المختصة وذلك بموجب توكيل من أحد أقارب المتهم من الدرجة الأولى أو الثانية. وللمتهم أن يقر وكالة المحامي أو بعزله في أول حضور فعلي له أمام المحكمة ويعتبر رضا المتهم في الجلسة الأولى بحضور المحامي إقرارا وإجازة للوكالة".
يعتبر حق الاستعانة بمحامي أو حق الدفاع، كيفما استقرّ على تسميته، أحد أركان العدالة وركائزها، وقد اعتمد القانون عدد3 لسنة 2014 بشأن المحاماة هذا التوجه في تعريف مهنة المحاماة. إذ تنص المادة الأولى من الفصل الأول منه على: "المحاماة مهنة حرة مستقلة وهي ركن من أركان العدالة تعمل على تحقيقها وعلى حماية الحقوق والحريات".
وعلاوة على أن حق الاستعانة بمحامي ركن من أركان العدالة وأحد ضمانات الولوج اليها، فهو من مقوّمات المحاكمة العادلة، إذ يكفــل فهم واستيعاب المتقاضين للقانون وللإجراءات المنطبقة. كما يكفل تعزيــز حمايتهم مــن الممارســات التــي مــن شــأنها المســاس بالضمانــات القانونيــة المكفولــة لهــم وفقــا للتشــريع النافــذ والمعاييـر الدوليـة.
رغم أهمية المسالة، فالأمر لا يخلو من نقائص تتعلق أساسا بحضور المحامين في مراحل الاستدلال الأولى أو البحث، وهي من أخطر المراحل التي يتم فيها غالبا التعذيب وانتزاع الاعترافات، ولم يجري العرف و التطبيق على حضور المحامين في هذه المراحل المهمة من سير الدعوى وخصوصا بعد الاحتجاز مباشرة. ولا يستطيع المحتجزين الامتناع عن الحديث قبل حضور محاميهم ولا اعتاد المحامين حضور هذه المراحل من الدعوى. لا يمكن الجزم أن كان ذلك، بسبب خلل تشريعي أم بسبب الممارسات والعرف القضائي وخوف المحامين من الإهانة أو سوء المعاملة، لكن الواقع يبرز تلك النقائص.
طالما كانت الاستعانة بمحامي حقّا، كان لزاما ضمان التمتّع بهذا الحق وتسهيل الولوج إليه حتى لا يكون ضيق الحال والفقر عقبة في التمتّع به. وقع إرساء نظام المساعدة القضائيّة بموجب القانون رقم (10) لسنة 1958 بشأن إصدار قانون نظام القضاء الذي جاء بابه الخامس تحت عنوان "المساعدة القضائيّة". وهو نظام يمكن المتقاضين الذين لا يملكون الأموال الكافية من مجّانية الدفاع،[28] أي ممارسة حقوقهم أمام القضاء دون تكبّد مصاريف التقاضي[29] وفق شروط [30] وإجراءات خاصة [31].
بمزيد من التمحيص والتدقيق في النصوص القانونية المتفرّقة، يتبيّن أن قانون الرسوم القضائية رقم 2 لسنة 2003 المتعلّق بالرسوم القضائيّة قد أقرّ كذلك ضمن المادّة 81 منه على إعفاء أصحاب المعاشات الأساسية والضمانية وذوي الدخل المحدود وأصحاب الأسر الكبيرة من الرسوم القضائية المقررة بموجب أحكام هذا القانون. ينصّ الفصل صراحة على: "يجوز بقرار من أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل والأمن العام، بناء على عرض من رئيس المحكمة أو رئيس النيابة العامة المختص إعفاء أصحاب المعاشات الأساسية والضمانية وذوي الدخل المحدود وأصحاب الأسر الكبيرة من الرسوم القضائية المقررة بموجب أحكام هذا القانون".
إلاّ أن ما تجدر ملاحظته وما يثير التساؤل، هو أن قانون نظام القضاء رقم 29 لسنة 1962 المنقح لقانون 1958، قد أقرّ نظام المساعدة القضائيّة ونص عليه القانون 51 لسنة 1976 الملغي لقانون 1962 في بابه السادس، في حين خلت أحكام القانون عدد 6 لسنة 2006 بشأن نظام القضاء من أي تنصيص أو إشارة لنظام المساعدة القضائية، والحال أن تطوّر القوانين يقتضي المحافظة على المكاسب التشريعيّة والثبات في القواعد القانونية قصد ضمان الأمان القانوني للمتقاضين.
لكن سرعان ما يتبيّن للمتمعّن في الشأن الليبي أن التخلّي عن نظام المساعدة القضائيّة المكرّس منذ 1958، لا يعكس تراجعا تشريعياّ، بل ربّما يعبّر عن إرادة المشرّع في التخلي عن نصوص أضحت من البديهيّات، في ظلّ قانون المحاماة الشعبيّة التي تمثّل السّبيل أمام المتقاضي الليبي الراغب في التقاضي والاستعانة بمحامي دون مقابل وذلك حسب صريح المادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 1981 في شأن إنشاء إدارة المحاماة الشعبية الذي ينص على: "لمواطني الجماهرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية حق الاستعانة دون مقابل بمحام في القضايا التي ترفع منهم أو عليهم أمام الجهات القضائية، وفقا للقواعد التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون".
إن قانون المحاماة الشعبيّة ليس بنظام مساعدة قضائيّة، وأنما يعكس فلسفة مردّها تأصيل وتسهيل الحقّ في التقاضي الذي يمثل حق الدفاع أهمّ مقوّماته. فكانت الفكرة تأمين محام لكل مواطن دون عوائق من ذلك العائق المادي الذي يمكن أن يمثّل لوحده حاجزا، قد يحول دون وصول الحقوق إلى أصحابها ومن يريد محاميا خاصّا يمكنه طلب ذلك على نفقته الخاصّة، طبق أحكام المادة الثانية من القانون رقم 10 لسنة 1990 م بشأن إعادة تنظيم مهنة المحاماة و الذي ينص: "يتمتع كل شخص بحق الدفاع أمام المحاكم والنيابات بواسطة محام من بين أعضاء إدارة المحاماة الشعبية على الوجه الذي يبينه القانون رقم (4) لسنة 81م. المشار إليه، كما له أن يختار محامياً خاصاً على نفقته للدفاع عنه أمام المحاكم وكافة الجهات وطبقاً لأحكام هذا القانون واللوائح الصادرة بمقتضاه".
___
[1] يمكن أن يمارس هذا الحق كذلك في شكل جماعي.
[2] - الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الذي تمت المصادقة عليه من قبل مجلس الرؤساء الأفارقة بدورته العادية رقم 18، في نيروبي (كينيا)، يونيو 1981.
[3] - تنص المادة 8 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه: "لكلِّ شخص حقُّ اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصَّة لإنصافه الفعلي من أيَّة أعمال تَنتهك الحقوقَ الأساسيةَ التي يمنحها إيَّاه الدستورُ أو القانونُ". تنص الفقرة الأولى من المادة 7 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب على أن "حق التقاضي مكفول للجميع ويشمل هذا الحق: أ- الحق في اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة بالنظر في عمل يشكل خرقا للحقوق الأساسية المعترف له بها، والتي تتضمنها الاتفاقيات والقوانين واللوائح والعرف السائد [...] "
[4] - تنص المادة 10 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه: "لكلِّ إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحقُّ في أن تَنظر قضيتَه محكمةٌ مستقلَّةٌ ومحايدةٌ، نظرًا مُنصفًا وعلنيًّا، للفصل في حقوقه والتزاماته وفى أيَّة تهمة جزائية تُوجَّه إليه." وتنص المادة 14.1 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أنه: "الناس جميعا سواء أمام القضاء. ومن حق كل فرد، لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون. [...]"
[5] - تنص المادة 47 من ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي على أنه: " يكون من حق أي إنسان تنتهك حقوقه وحرياته التي يكفلها قانون الاتحاد الحق في وسائل فعالة أمام المحكمة، وفقاً للشروط التي تضعها هذه المادة، ويكون من حق أي إنسان محاكمة عادلة وعلنية في خلال وقت معقول من قبل محكمة عادلة ومستقلة ينشئها القانون مسبقاً، ويكون لأي إنسان إمكانية المشورة والدفاع والتمثيل، وتتاح المعونة القانونية لأولئك الذين يفتقرون إلى الموارد الكافية بالقدر الذي تكون مثل هذه المعونة لازمة لضمان الوصول إلى العدالة ".
[6] - الفقرة الثانية من توطئة الإعلان الدستوري الليبي : " واستناداً إلى شرعية هذه الثورة، واستجابةً لرغبة الشَّعـب الليبي وتطلعـاته إلى تحقيق الديمقـراطية وإرسـاء مبادئ التَّعـددية السياسية ودولة المُؤسسات، وتطلعاً إلى مُجتمع ينعم بالاستقرار والطمـأنينة والعـدالة، وينهض بالعِلم والثقافة، ويحقق الرفاهيـة والرعاية الصِّحيـة، ويعمـل على تنشئة الأجيـال الصَّـاعدة على الرُّوح الإسلامية وحُب الخير والوطن.
[7] - قانون المرافعات المدنية والتجارية، الصادر في 28 نوفمبر1953.
[8] - مرسوم بإصدار قانون الإجراءات الجنائية، الصادر في 01 يناير 1954
[9] - نشأت المحكمة العليا بتاريخ 10نوفمبر 1953، ثم أعاد المشرع تنظيمها بموجب القانون عدد (6) لسنة 1982 المتعلّق بإعادة تنظيم المحكمة العليا الذي تم تعديله بالقانون رقم 17 لسنة 1994، وبالقانون رقم 8 لسنة 2004، ثم بالقانون رقم 33 لسنة 2012، ثم بالقانون رقم 6 لسنة 2014.
[10] - سليمان منصور يونس، امهيدي محمد امهيدي، "حق المساواة أمام القضاء" (دراسة مقارنة في ضوء التشريع الليبي)، مجلة العلوم الاقتصادية والسياسية، كلية الاقتصاد والتجارة زليتن، يونيو 2019، ص 350.
- [11] من المادة 42 إلى المادة 48 من قانون المرافعات المدنية والتجارية
[12] - المادة 135 من قانون الإجراءات الجزائية: (الإحالة في الجنح والمخالفات) "إذا رأى القاضي أن الواقعة جنحة أو مخالفة يحيل المتهم إلى المحكمة الجزئية، وعلى النيابة العامة عند صدور قرار الإحالة أن ترسل جميع الأوراق والأشياء المضبوطة إلى قلم كتاب المحكمة في ظرف يومين وإعلان الخصوم بالحضور أمام المحكمة في أقرب جلسة وفي المواعيد المقررة".
المادة 136 من قانون الإجراءات الجزائية: (الإحالة في الجنايات) "إذا رأى قاضي التحقيق أن الواقعة جناية يحيلها إلى غرفة الاتهام ويكلف النيابة العامة بإرسال الأوراق إليها فوراً. ومع ذلك يجوز له بدلاً من تقديم الدعوى إلى غرفة الاتهام أن يصدر أمراً بإحالتها إلى المحكمة الجزئية إذا رأى أن الجناية قد اقترنت بأحد الأعذار القانونية أو الظروف المخففة التي من شأنها تخفيض العقوبة إلى حدود الجنح. "
المادة 188 من قانون الإجراءات الجزائية: (اختصاص المحكمة الجزئية) "تحكم المحكمة الجزئية في كل فعل يعد بمقتضى القانون مخالفة أو جنحة، وتحكم أيضاً في الجنايات التي يحيلها قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام طبقاً للمادتين 136 و153 أو التي تقرر هي نظرها طبقاً للمادة 279".
[13] - من المادة 49 إلى المادة 51 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
[14] - من المادة 52 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
[15] - نشأت المحكمة العليا بموجب إصدار قانون المحكمة العليا الاتحادية بتاريخ 10 نوفمبر1953 و"منذ ذلك التاريخ شرعت في ممارسة اختصاصاتها كمحكمة دستورية، ومحكمة نقض في المسائل المدنية والتجارية والأحوال الشرعية، ومحكمة للقضاء الإداري، ومحكمة خاصة بالطعون الانتخابية، بالإضافة إلى دور الفتوى والتشريع، بالنظر إلى حاجة البلاد آنذاك (سنة 1954) لجهة قانونية متخصصة وذات خبرة في تفسير القوانين ومراجعتها قبل إصدارها من الحكومة الاتحادية، وحكومة الولايات".
وقد عرف قانون المحكمة العليا العديد من التعديلات آخرها كان بموجب القانون عدد 33 لسنة 2012.
" تتكون المحكمة من رئيس وعدد من المستشارين، وتتكون من دوائر تتولى كل منها نظر نوع من الدعاوى التي تختص المحكمة بالفصل فيها والبالغ عددها (12) دائرة، منها (5) دوائر لنظر الطعون المدنية والتجارية، ومثلها لنظر الطعون الجنائية، ودائرة واحدة لنظر الطعون الإدارية، واخرى لنظر طعون الأحوال الشخصية، كما شكلت دائرة لنظر الطعون الدستورية هذا بالإضافة إلى دوائر المحكمة مجتمعة." (الموقع الرسمي للمحكمة العليا الليبية)
[16] القانون رقم 05 لسنة 2023 بتاريخ 29 مارس 2023
[17] - تنصّ المادة 1 من القانون رقم (88) لسنة 1971 في شأن القضاء الإداري على أنه: "تنشأ بكل محكمة من محاكم الاستئناف المدنية دائرة أو أكثر للقضاء الإداري وتشكل الدائرة بقرار من الجمعية العمومية للمحكمة من ثلاثة مستشارين، على أن يحضر جلساتها أحد أعضاء النيابة العامة."
[18] - كرّس هذا المبدأ ضمن الفصل الثاني من البروتوكول عدد 7 للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان الموقعة في روما بتاريخ 4 نوفمبر 1950، التي تنص على أن "لكل شخص صدر ضده حكم بالإدانة في جريمة جنائية من محكمة الحق في إعادة نظر إدانته أو الحكم أمام محكمة أعلى".
[19] - عبد المجيد لشهب: "مبدأ التقاضي على درجتين"، رسالة تخرج من المعهد الأعلى للقضاء 1991، ص 1، سفيان الخويني: "مبدأ التقاضي على درجتين في المادة الجنائية"، كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس 2000 -2001.
[20] - الفقرة الثانية من المادة 49 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
[21] - المادة 52 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
[22] المادة 151 من مجلة الإجراءات الجزائية.
[23] - تنص المادة 11 من أول دستور ليبي الصادر بتاريخ 7 أكتوبر 1951 على أنه: "الليبيون لدى القانون سواء، وهو متساوون في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وفي تكافؤ الفرص وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الدين أو المذهب أو العنصر أو اللغة أو الثروة أو النسب أو الآراء السياسية والاجتماعية". وهو ما أكده الإعلان الدستوري لسنة 2011 في المادة السادسة منه والتي تنص على أن: "الليبيون سواء أمام القانون، ومتساوون في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية، وفي تكافؤ الفرص، وفيما عليهم من الواجبات والمسؤوليات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدِّين أو المذهب أو اللغة أو الثروة أو الجنس أو النسب أو الآراء السياسية أو الوضع الاجتماعي أو الانتماء القبلي أو الجهوي أو الأسرى".
[24] - المبادئ الأساسية لاستقلال القضاء: https://www.ohchr.org/ar/instruments-mechanisms/instruments/basic-principles-independence-judiciary
[25] - مثال ذلك:
تنص المادة (104) في فقرتها (ب) من الدستور البحريني على أنه: "لا سلطان لأية جهة على القاضي في قضائه، ولا يجوز بحال التدخل في سير العدالة، ويكفل القانون استقلال القضاء، ويبين ضمانات القضاة والأحكام الخاصة بهم"، ينص الفصل 117 من الدستور التونسي على أنه: "القضاء وظيفة مستقلّة يباشرها قضاة لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون"، تنص المادة 97 من الدستور الأردني على أن "القضاة مستقلون لا سلطان عليهم فـي قضائهم لغير القانون"...
[26] - مبدأ استقلال القضاء تنص عليه كذلك المادة 31 من القانون رقم (20) لسنة 1991 بشأن تعزيز الحرية: "القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في أحكامهم لغير القانون".
[27] - يجدر كذلك التذكير بأحكام المادة 23 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الذي جاء تحت عنوان "الاستعانة بمحام" والذي ينص على أنه: "يجوز للخصوم أن يترافعوا أمام القاضي الجزئي دون الاستعانة بمحام ما لم يأمر القاضي بغير ذلك. ويجب على الخصوم أمام محاكم الاستئناف والمحكمة العليا أن يستعينوا بمحام، وإذا كان موضوع الدعوى متعلقاً بالأحوال الشخصية فللخصوم أن يترافعوا دون الاستعانة بمحام إلا إذا كانت الدعوى أمام المحكمة العليا."
[28] - تنص المادة (117) من قانون نظام القضاء على: "تترتب على المساعدة القضائية الآثار الآتية:
1 – الدفاع المجاني في القضية أو المسألة التي منحت عنها المساعدة مع حفظ حق المحامي في مطالبة الخصم الذي يحكم عليه بالمصروفات والأتعاب المستحقة له. [...] "
[29] - تنص المادة (112) من قانون نظام القضاء على: "تمنح المساعدة القضائية للفقراء سواء كانوا مدعين أو مدعى عليهم أيا كان نوع الدعوى بما في ذلك الدعاوي المدنية التي ترفع أثناء السير في الدعوى الجنائية. ويجوز منح هذه المساعدة للهيئات الاعتبارية التي يكون غرضها الإحسان أو تعليم الفقراء".
[30] - تنص المادة (113) من قانون نظام القضاء على: "لا تمنح المساعدة القضائية إلا في حالة الفقر واحتمال كسب الدعوى.
ولا يقصد بحالة الفقر أن يكون الطالب في عوز تام بل يكفي أن يكون في حالة لا يستطيع معها تحمل مصاريف القضية، وتعتبر حالة الفقر ثابتة بالنسبة إلى الليبيين بشهادات تعطيها السلطات الإدارية المحلية وبالنسبة إلى الأجانب بتقديم شهادات من قنصليات الدول التي يتبعونها".
[31] - المادة (114) من قانون نظام القضاء: "يكون منح المساعدة القضائية بقرار من القاضي المختص بنظر الدعوى أو أحد قضاة أو مستشاري المحكمة الاستئنافية المختصة بنظر الدعوى تندبه الجمعية العمومية لهذا الغرض".
المادة (115) من قانون نظام القضاء: "على من يريد الحصول على المساعدة القضائية أن يقدم طلبا بذلك إلى قلم كتاب المحكمة المختصة محررا على ورق غير مدموغ يوضح فيه ظروف قضيته والأسباب التي يبني عليها دعواه أو دفاعه. وعلى قلم الكتاب إعلان الطرفين بالحضور للجلسة المحددة لنظر الطلب، وذلك بكتاب موصي عليه مصحوب بعلم الوصول".
المادة (116) من قانون نظام القضاء: "في حالة قبول المساعدة يعين للطالب محام يتولى الدفاع عنه".