ليبيا : جمعيات تطالب بتحقيق محايد وشامل بشأن الأضرار الجسيمة في شرق ليبيا اثر إعصار دانيال

تدعو المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه لإجراء تحقيق محايد وشامل بشأن ملابسات السيول الكارثية في شرق ليبيا، الناجمة عن إعصار دانيال، وما تلاه من انهيار سدين ليلة 10 سبتمبر 2023.وبحسب تصريح لوزارة الصحة بحكومة الاستقرار الوطني الليبية، فقد خلفت هذه المأساة 3351 قتيلًا، فيما بلغت أعداد المفقودين نحو 11 ألفًا بحسب المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر، بالإضافة إلى إجبار قرابة 30 ألف شخص على النزوح. كما شهدت المنطقة أيضًا أضرارًا جسيمة في البنية التحتية الحيوية، الأمر الذي خلف أثارًا مدمرة على شبكة الطرق، وتسبّب في اضطرابات بنظام الاتصالات.وبينما حاولت السلطات الليبية التنصل من المسئولية من خلال تأكيدها على أن الكارثة كانت نتيجة للتغير المناخي؛ أطلق مئات الناجين أمس دعوات قوية للمحاسبة، ونظموا وقفة احتجاجية أمام مسجد الصحابة في درنة.ويبدو أن ارتفاع أعداد الضحايا لم يكن ناجمًا عن قوة الإعصار فحسب، وإنما تفاقم بسبب عدم وجود تحذيرات كافية للسكان من حكومة الاستقرار الوطني الليبية، وهي إحدى الحكومتين المتنافستين على السلطة في البلاد، كما أنها الحكومة المسيطرة، بحكم الأمر الواقع، على شرق ليبيا، بالإضافة إلى الفشل الواضح في صيانة السدود. ويشير زياد عبد التواب، نائب مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أنه

 «نظرًا لتاريخ الإفلات من العقاب في ليبيا وحجم المأساة، فمن الضروري إجراء تحقيقات شاملة ومستقلة ونزيهة وشفافة في ظروف هذه الكارثة. ينبغي أن يتم تكليف هذا التحقيق بتقييم المسئوليات وضمان المساءلة فيما يتعلق بالفيضانات وما نتج عنها من وفيات وإصابات ودمار، وإعلان نتائجه على الملأ».

 

عدم وجود خطط إنذار وإخلاء فعالة

وبحسب تصريح للأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بيتيري تالاس، فإن المركز الوطني للأرصاد الجوية في ليبيا قد أصدر تحذيرات مبكرة بشأن تلك التغيرات المناخية، بما في ذلك مستويات هطول الأمطار غير المسبوقة والتي تؤدي إلى فيضانات مفاجئة. رغم ذلك، وبدلًا من أن تصدر السلطات الليبية تحذيرًا للسكان بضرورة الإخلاء، فإنها على العكس أعلنت حظر التجول لمدة يومين، قبل وقوع الكارثة، الأمر الذي حال فعليًا دون الإخلاء.في 9 سبتمبر 2023، وقبل وصول إعصار دانيال إلى اليابسة، أصدر رئيس وزراء حكومة الاستقرار الوطني القرار رقم 72 لسنة 2023، والذي كلّف وزير الداخلية بإصدار تعليماته وتوجيهاته للبوابات والتمركزات والوحدات الأمنية؛ وذلك بهدف الحد من التنقل على طول الطرق الساحلية والفرعية في المناطق المتوقع حدوث فيضانات وجريان للأودية بها نتيجة لسوء الأحوال الجوية الوشيكة.وفي اليوم نفسه، وقبيل وصول العاصفة، فرضت وزارة الداخلية حظر تجول بعد الساعة الثامنة مساءً، بدايةً من السبت 9 سبتمبر إلى الاثنين 11 سبتمبر. ويُظهر مقطع فيديو تمت مشاركته يوم 10 سبتمبر، مدير أمن درنة، امبارك مصطفى بحرارة ، وهو يعلن عن حظر التجول، ويحث السكان على البقاء في منازلهم من الساعة 7 مساءً يوم 10 سبتمبر حتى الساعة 8 صباحًا يوم الاثنين 11 سبتمبر. هذه التوجيهات أرسلت إشارات خاطئة للسكان وتسببت فعليًا في محاصرتهم داخل منازلهم وقت الفيضان.

 فشل في صيانة السدود

وإلى جانب الافتقار لوجود وسائل فعالة للإنذار المبكر وخطط لإجلاء السكان، فقد أهملت السلطات لفترة طويلة وضع السدود رغم تحذيرات الخبراء المتكررة؛ على سبيل المثال، أكد الدكتور عبد الونيس عبد الرزاق عاشور، في نوفمبر 2022، في ورقة بحثية على ضرورة وإلحاح إجراء الصيانة المناسبة للسدود، نظرًا لارتفاع احتمالية مخاطر الفيضانات.وفي 16 سبتمبر، أعرب الدكتور عاشور، في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز، عن أسفه للخسارة المأساوية للعديد من أفراد عائلته الممتدة بسبب الفيضانات الأخيرة. كما أعرب عن إحباطه، مسلطًا الضوء على تجاهل الحكومة للتحذيرات المتكررة على مدار سنوات، بما في ذلك تلك التي وردت في ورقته البحثية.وحسب التقرير السنوي 2021 الصادر عن ديوان المحاسبة الليبي، فقد رصدت السلطات الليبية 2.286.358 يورو لصيانة وإعادة تأهيل سدي درنة وأبو منصور. رغم ذلك، وكما أكد ديوان المحاسبة الليبي، فقد كان هناك فشل واضح في مشاريع صيانة السدين؛ إذ لم تكتمل مشاريع الصيانة رغم توافر الأموال. وأوصى الديوان بإجراء تحقيق مع المسئولين، كما أوصى بتكليف مكتب استشاري دولي للتأكد من وجود علاقة مباشرة بين تعثر مشروعات صيانة السدود وانهيارها أثناء الإعصار.

درنة، نقطة محورية للصراع والأزمات الإنسانية في ليبيا

تشهد ليبيا حالة من عدم الاستقرار السياسي بعد سنوات من الصراعات الداخلية. وهي مقسمة بين حكومتين متنافستين. حكومة الوحدة الوطنية، ومقرها طرابلس في الغرب، بقيادة عبد الحميد دبيبة. وحكومة الاستقرار الوطني، ومقرها في سرت وبنغازي في الشرق ويقودها أسامة حماد، وفتحي باشاغا سابقا. وكانت حكومة الوحدة الوطنية قد تأسست في عام 2021، كجزء من مبادرة مدعومة من الأمم المتحدة للتحضير للانتخابات، التي كان من المقرر إجراؤها في البداية في العام نفسه، ولكنها أُجلت في النهاية بسبب الخلافات حول اللوائح الانتخابية.كانت درنة نفسها نقطة محورية للصراع والأزمات الإنسانية في ليبيا. ففي مايو 2018، كشف تقرير هيومن رايتس ووتش أن "الجيش الوطني الليبي"، الذي يقوده خليفة حفتر، فرض حصارًا على درنة منذ أغسطس 2016 بهدف الإطاحة بمجلس شورى مجاهدي درنة، الذي كان يسيطر على المدينة منذ القضاء على تنظيم داعش في أبريل 2016.بدأت القوات المسلحة التابعة لحفتر الهجوم بريًا جنوب المدينة في 3 مايو 2018 ،مما أسفر عن خسائر إنسانية وخيمة، إلى جانب الغارات الجوية التي تسببت في سقوط العديد من الضحايا من المدنيين وتدمير البنية التحتية. 

المنظمات الموقعة:

  1. المركز الليبي لحرية الصحافة

  2. المنظمة الليبية المستقلة لحقوق الإنسان

  3. المنظمة الليبية للإعلام المستقل

  4. المنظمة الليبية للمساعدة القانونية

  5. جمعية عدالة للجميع

  6. شبكة أصوات

  7. مؤسسة بلادي لحقوق الإنسان

  8. مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان

  9. منظمة الأمان لمناهضة التمييز العنصري

  10. منظمة حقوقيون بلا قيود

  11. منظمة شباب من أجل تاورغاء

Previous
Previous

يجب وقف التخاذل الدولي والعربي عن منع إبادة الشعب الفلسطيني

Next
Next

ليبيا: تواصل الانفلات الأمني وسياسة الترهيب الممنهج للعاملين بالمرافق القضائية من طرف المجموعات المسلحة يقوض دور القضاء في استرداد دولة القانون ومراقبة الانتخابات