تونس: تندد جمعية عدالة للجميع بانتهاك قرينتي البراءة والحرية في حق سهام بن سدرين الرئيسة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة
في ظل التردي الكارثي لحال القضاء في تونس، تندد جمعية عدالة للجميع بانتهاك قرينتي البراءة والحرية، إضافة إلى شبهات تطويع القضاء وانتهاك الضمانات الإجرائية، بحجة محاربة الفساد، ضد الرئيسة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة، سهام بن سدرين، وذلك أثر إصدار بطاقة إيداع بالسجن بحقها يوم الخميس 1 أغسطس 2024. وقد تم إيقاف المعارضة التونسية السابقة بن سدرين على خلفية تحقيقات مبنية على شكاية أحد أعضاء الهيئة، السيدة إبتهال عبد اللطيف، بخصوص تدليس التقرير الختامي للهيئة المتعلق بملف تعويضات الدولة التونسية في قضية البنك الفرنسي التونسي.
تعتبر عدالة للجميع أنه ليس هناك أي تبرير لهذا الإيقاف الذي لا يستوفي شروط الفصل 85 من مجلة الإجراءات الجزائية التونسي، إذ أن السيدة بن سدرين لم تتخلف عن أي جلسة للتحقيق معها عند استدعائها منذ إيداع الشكاية ضدها سنة 2020. تعد بن سدرين ممنوعة من السفر بقرار من القطب القضائي الاقتصادي والمالي منذ مارس 2023، إضافة إلى غياب أي عنصر موضوعي جديد في الملف يدينها أو يبرر الالتجاء إلى الإيقاف التحفظي، خاصة أن المعنية بالأمر لها مقر معلوم ولا يخشى منها ولا عليها في حالة السراح التي كانت عليها.
كما تندد الجمعية بشبهات تطويع القضاء والاستعانة بممارسات قمعية معلومة، إذ تم تغيير قاضي التحقيق المتعهد بهذه القضية ونقله، دون طلبه، إلى ولاية جندوبة. غالبًا ما تأخذ هذه النقلات التعسفية شكلا تأديبيا عند رفض الأوامر من الجهات التنفيذية، خاصة مع انعدام وجود مجلس تأديبي، مما يمكن اعتباره نفيًا لمبدأ الحرية وانتهاكا للضمانات الإجرائية لاستقلالية القضاء التونسي، فرديًا ومؤسساتيًا.
في هذا الإطار، تدين عدالة للجميع استعمال وزارة العدل مذكرات العمل أثناء السنة القضائية بشكل تعسفي وخارج كل الضوابط القانونية لنقلة القضاة وتغيير تركيبة المحاكم والمشرفين عليها وتغيير أعضاء النيابة العمومية وقضاة التحقيق والهيئات الحكومية بعد عمليات استجواب للقضاة بواسطة التفقدية العامة. فيما يشبه الإجراءات الانتقامية والعقابية بعد قيام رئيس الجمهورية قيس سعيد بحلّ المجلس الأعلى للقضاء في فبراير 2022، وعزل 57 قاضياً دون أدنى احترام للإجراءات القانونية.
كما نذكر بأن الإيقاف التحفظي للسيدة بن سدرين جاء بعد حملات عديدة قادتها بعض صفحات التواصل الاجتماعي الموالية للنظام القائم. مما يمكن قراءته كتوظيف سياسي للقضاء قبل شهرين من الانتخابات المزمع عقدها وترهيب لكل من كان ضد السياسة الحالية للحكم؛ ويمكن اعتباره أيضا ضمن المحاكمات السياسية التي تهدد، إجرائيًا، مبادئ المحاكمة العادلة.
تدعو جمعية عدالة للجميع السلطات التونسية إلى احترام مبادئ المحاكمة العادلة كما وردت في الدستور التونسي، والمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة 7 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، وما قرر من إجراءات بالقانون التونسي وخاصة مجلة الإجراءات الجزائية. وتذكر أن هذا النوع من الإيقافات المشبوهة والمخالفة إجرائيا لمبادئ المحاكمة العادلة، يعد تواصلاً لما تشهده تونس عمومًا من ردة عن مبادئ حقوق الإنسان ودولة القانون منذ انقلاب الرئيس قيس سعيد على دستور 2014 واحتكاره وتركعيه لجميع السلطات وتدمير تدريجي لمؤسسات الدولة التونسية وهجوما مضادا لثورة الحرية والكرامة خلافًا لما يدعيه الخطاب الرسمي.